نجا السير بوبي تشارلتون من كارثة تحطم طائرة في ميونخ بتاريخ 6 فبراير/شباط 1958 ليصبح أحد أبرز نجوم كرة القدم في إنجلترا ومن أكثرهم نجاحاً على ساحات المستديرة الساحرة. لعب بوبي جنباً إلى جنب شقيقه الأكبر جاك، وأصبح عنصراً رئيسياً في تشكيلة المنتخب الإنجليزي الذي فاز بلقب كأس العالم FIFA™ على التراب الوطني عام 1966، وهو اللاعب الإنجليزي الوحيد الذي شارك في أربع نسخ من بطولة كأس العالم. كما كان أحد نجوم مانشستر يونايتد عندما أصبح أول فريق إنجليزي يحصد لقب كأس الأندية الأوروبية البطلة.

كان السير بوبي يُعرف بأنه أحد نبلاء اللعبة الجميلة، واشتُهر بتسديداته القوية بعيدة المدى، وتمريراته المقتنة من وسط الملعب ولياقته الكبيرة. وُلد بوبي تشارلتون بتاريخ 11 أكتوبر/تشرين الأول 1937 شمال شرق مقاطعة نورثمبرلاند في بلدة أشينغتون هو ابن عامل منجم في الفحم. انضمّ إلى صفوف مانشستر يونايتد في الخامسة عشرة من عمره بعد أن تم اكتشاف موهبته خلال خوضه مباراة مدرسية، ليُصبح أحد عناصر "لاعبي بسبي"، وهي مجموعة من اللاعبين صغار السن وموهوبين، والذين كانوا ثمرة جهود المدرب مات بسبي.

شارك في مباراته الأولى مع الفريق في أكتوبر/تشرين الأول 1956، وتمكّن من مساعدة مانشستر يونايتد على الفوز بلقب دوري كرة القدم في ذلك الموسم، وبلوغ نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي الذي خسره أمام أستون فيلا. وفي الموسم التالي، تمكّن الفريق من التقدم إلى نصف نهائي كأس أوروبا (1957-1958) الذي شهد الكارثة الجوية المميتة، فالطائرة التي كانت تقلّ الفريق في رحلة العودة من بلغراد إلى مانشستر تحطّمت عند الإقلاع، بعد توقفها في ميونخ، ليتسبب ذلك بمقتل 23 شخصاً من أصل 44 كانوا على متنها، وهو ما شكّل ضربة شبه قاضية للفريق. كان تشارلتون وبسبي من بين الناجين.

وبعد ثلاثة أشهر من ذلك الحدث المؤلم، تأهل مانشستر يونايتد إلى نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي الذي خسره على يد بولتون ووندررز. وفي المحاولة الثالثة، تمكّن السير بوبي من الفوز بلقب كأس الأندية الأوروبية البطلة عندما تغلّب على ليستر سيتي في نهائي عام 1963. وبحلول تلك السنة، كانت مسيرته مع المنتخب الوطني تمضي بشكل جيد، فقد كان أحد عناصر تشكيلة المنتخب في كأس العالم FIFA 1958، إلا أنه لم يدخل المستطيل الأخضر، لكن بحلول النسخة التالية عام 1962، كان قد رسّخ مكانته كعنصر أساسي في تشكيلة فريق الأُسود الثلاثة، وراكم 24 هدفاً لصالح فريقه. كما سجّل هدفاً في لقاء دور المجموعات الذي انتهى بفوز الإنجليز 3-1 على الأرجنتين.

إلا أن المحطة الأبرز في مسيرته الكروية أتت بعد أربع سنوات عندما فاز منتخب بلاده بلقبه الأول والوحيد حتى الآن في كأس العالم FIFA. سجّل السير بوبي الهدف الأول لإنجلترا في البطولة من تسديدة بعيدة في مرمى المكسيك، ثم تألق في هزّ الشباك مرتين في مباراة نصف نهائي شهيرة انتهت بالفوز 2-1 على منتخب البرتغال بقيادة النجم أوزيبيو.

استمرّ السير بوبي بتحقيق النجاحات مع مانشستر يونايتد، ففاز بلقب الدوري عامي 1965 و1967، كما خاض مباراة أسطورية أخرى بين جنبات ملعب ويمبلي أيضاً، وذلك عام 1968 عندما اقتنص هدفين في فوز مانشستر يونايتد 4-1 على بنفيكا في الوقت الإضافي، ليرفع الكأس الذهبية لبطولة كأس أوروبا، ولكن كقائد للفريق هذه المرة.

أما المرة الأخيرة التي خاض بها منافسات كأس العالم، فقد كانت في نسخة 1970 عندما بلغ المنتخب الإنجليزي الدور ربع النهائي وواجه نجوم ألمانيا الغربية، الذين سبق وتغلّب عليهم في النهائي قبل أربع سنوات. ورغم أن السير بوبي ساعد كتيبته على التقدم بالنتيحة 2-0، إلا أن المدرب قرر استبداله بعد أن قلّص الألمان النتيجة إلى 2-1، ليتابع بمرارة من مقاعد الاحتياط تعرّض الفريق للهزيمة بنتيجة 3-2. وفي رحلة العودة إلى الديار، قام هو وشقيقه جاك بإعلام المدرب السير ألف رامسي أنهما لا يرغبان بالتواجد ضمن تشكيلة المنتخب.

وبذلك أنهى مسيرته مع المنتخب الإنجليزي وفي رصيده 106 مباراة و49 هدفاً، من بينها أربع ثلاثيات شخصية. استمرّ باللعب مع مانشستر يونايتد لثلاثة مواسم تالية، لتكون مباراته الأخيرة مع تشيلسي في أبريل/نيسان 1973. وفي الموسم التالي، قام بتدريب بريستون نورث إند، قبل أن يقوم بخطوة مفاجئة ويضطلع بمنصب مدرب/لاعب في موسم 1974/1975.

حافظ على مكانته كأفضل هداف دولي إنجليزي حتى عام 2015، عندما تخطاه واين روني، قبل أن يتجاوزهما هاري كين على قائمة أفضل الهدافين الإنجليز على مر التاريخ. كما شارك السير بوبي في 758 مباراة مع مانشستر يونايتد، وهو في المركز الثاني على قائدة أفضل الهدافين بتاريخ النادي.

وإثر الخبر المؤلم بوفاة السير بوبي تشارلتون بتاريخ 21 أكتوبر/تشرين الأول 2023، صرّح رئيس FIFA جاني إنفانتينو بمايلي: "نيابة عن الاتحاد الدولي لكرة القدم، وأسرة كرة القدم العالمية، أرسل أحرّ التعازي لعائلة وأصدقاء السير بوبي تشارلتون. نشعر بالأسى لخسارة أحد أفراد المنتخب الإنجليزي الذي فاز بلقب كأس العالم FIFA 1966، وأسطورة كروية تركت بصمتها على أجيال متعاقبة. قلوبنا وصلواتنا مع كل المقرّبين منه، وزملائه السابقين، والاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، ونادي مانشستر يونايتد. فلترقد بسلام".